الاثنين، 15 ديسمبر 2014

إن مع العسر يسراً – هكذا أخبر الله

ربما جاء عليك وقت شعرت فيه أنه ليست هناك جدوى من وجودك على ظهر هذه الحياة؛ فربما من شدة المصائب التي أخذت تدلوا كلها في دلوك حتى فاض من الأسى وأصبح لا يتحمل أي شيء إضافي، أصبحت ترى الدنيا سوداء مقفرة، وتشعر أنه من الأفضل لك أن تنتقل من حياة الدنيا إلى الآخرة وتبتعد وتترك كل هذه المشاكل والمصائب وراء ظهرك.

سورة الشرح - إن مع العسر يسرا
إن مع العسر يسر

ولكن أخي الحبيب، هل تعلم أن الله عز وجل ربما يختبرك بهذه المصائب؛ فهو القائل عز وجل {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ}[1]؛ فهل أنت من الصابرين؟

بل إن هذه المصائب الكبيرة التي جعلتك تجزع، إنما هي لتطهيرك من الذنوب والأوزار؛ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حُزن ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه" وقد جاء عن ابن القيم أنه قال "لأهل الذنوب ثلاثة أنهار عظام يتطهرون بها في الدنيا، نهر التوبة النصوحة، ونهر الحسنات المستغرقة للأوزار المحيطة بها، ونهر المصائب العظيمة المكفرة، فإن أراد الله بعبده خيرًا أدخله أحد هذه الأنهار الثلاثة، فإن لم تف بتطهيرهم في الدنيا طُهِّروا في نهر الجحيم يوم القيامة". (الحكيم، 1425)

بل إن العسرات والصعوبات التي تواجه الإنسان في الحياة، إنما هي من أجل أن تقيمه وتجعله رجلاً جلداً قوياً وليس من أجل أن تهدمه؛ فانظر معي أخي الكريم إلى قصة الملك ووزيره الحكيم، والذي كان الملك يصحبه معه في كل مكان؛ وكان كلما أصاب الملك شيء يكدره، فإن وزيره الحكيم يقول له "لعله خير!".

وذات مرة قُطع إصبع هذا الملك فقال له الوزير "لعله خير!"، ولكن الملك قد وصل إلى نفس الدرجة التي وصلت لها من شدة المصائب؛ فغضب غضباً شديداً وقال: ما الخير في قطع إصبعي؟ ثم أمر بسجن هذا الوزير الحكيم الذي حين سجنه لم ينسى أن يقول لنفسه ولملكه "لعله خير!".

وبعد مدة طويلة خرج الملك للصيد وقد ابتعد عن الحراس كي يتعقب فريسته، فمر على قوم يعبدون صنماً وأرادوا أن يقدموه قرباناً للصنم، وحينما قدموه إلى كهنتهم اكتشفوا ذلك الإصبع المقطوع فأطلقوا صراحه. وعندما عاد إلى القصر – وقد كان فرحاً مسروراً – أمر الحراس بإطلاق سراح الوزير الحكيم من السجن؛ لأنه أدرك الخير الذي حدث في قطع إن مع العسر يسراإصبعه، بل الخير أيضا كان في سجن الوزير الحكيم؛ حيث لو لم يتم سجنه لربما ذهب في رحلة الصيد مع الملك ولكان قد قُدم قرباناً لهذا الصنم بدلاً من الملك. (الزريق، 2012)
أعلم أنك ربما تمر بشيء عسير، وتشعر بضيق شديد من وضعك الحالي؛ ربما بسبب قلة المال، وربما بسبب المرض، أو لأي سبب ما، ولكن اعلم أن الله عز وجل أمرك بالصبر والاجتهاد وعدم اليأس والعمل بكل طاقتك، وهو الذي أخبر أن مع العسر يسر، بل أكد أن مع العسر يسر، وعليك أن تثق في الله ثم في نفسك؛ فهيا أخي الكريم، انهض وابني حياتك من جديد وتعلم من الفشل السابق، وفي كل مرة يأتي اليأس على بابك، اتلو عليه قول الله عز وجل " فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً {5} إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً {6}".[2]
 
المراجع
القرآن الكريم سورة الأنبياء الآية رقم 35
القرآن الكريم سورة الشرح الآية رقم 5 و6
خطبة عاصم بن لقمان يونس الحكيم. (13 11, 1425). بعنوان مكفرات الذنوب. الرقاق والأخلاق والآداب، رقم الخطبة 5070.
نايف عبد الرحمن الزريق. (2012). الأسلوب الأقوى والألطف في التغيير. الرياض: قرطبة للنشر والتوزيع.

[1] سورة الأنبياء الآية رقم 35
[2] سورة الشرح – الآية رقم 5 و6

هناك 3 تعليقات :

  1. بسم الله ما شاء الله .

    ردحذف
  2. ونعم بالله العلي العظيم

    ردحذف
  3. ونعم بالله أن مع العصر يسرا فإن مع العصر يسرا

    ردحذف

الأكثر قراءة هذا الشهر